نشر صديقي أشرف الشريف مقالاً في جدلية يستشرف فيه الوضع السياسي المستقبلي في مصر مع تأكد أنباء ترشح الفريق أول عبد الفتاح السيسي للرئاسة، وظهور علامات عدة على استقرار الأمر (ولو مرحلياً) للتحالف الدولتي السلطوي الحاكم، وقد اختار أشرف مدخل الاقتصاد السياسي لتحري التناقضات البنوية التي ستواجه مشروعات إعادة إحياء السلطوية في مصر، وقد أثار المقال لديَّ العديد من التساؤلات والأفكار، فرأيت أن أكتب مقالاً لا للرد عليه لأن مساحة الاتفاق واسعة بالفعل، إنما لمد النقاش حول طبيعة السلطوية الجديدة/القديمة في مصر.
لا خلاف حقا مع المقولتين الرئيسيتين في مقال أشرف الشريف فثورة يناير تواجه انحساراً مرحلياً ممثلاً في اقتراب إعلان تحالف الدولة السلطوية لانتصاره بعد ثلاث سنوات من الصراع مع قوى الثورة المبعثرة، فالمزاج الشعبي اليوم هو الأقرب لقبول الدكتاتور المنتخب بغية استعادة الاستقرار بأي ثمن، والداخلية التي كانت محطاً لثورة يناير هي الشريك الأكثر أهمية وفعالية في التحالف الدولتي الحاكم بسجل انتهاكات وإجراءات قمعية غير مسبوقة في تاريخ مصر الحديث على الأقل من حيث عدد الضحايا من القتلى والمعتقلين، ورغم هذا فلا سبيل حقاً للدفع بأن ثورة يناير قد فشلت، أو أنها قد انتهت إذ إنَّ ما وقع قبل ثلاث سنوات من الآن هو تجل واحد فحسب من تجليات التحولات الاجتماعية العميقة التي يمرُّ بها المجتمع المصري من آخر عقد لحكم مبارك، ومن هنا فإن الأزمة مستمرة على أصعدة عدة وجوهرها هو إيجاد صيغة لنظام سياسي واقتصادي يستوعب الفئات الاجتماعية المؤثرة التي ما فتئت تجد نفسها مهمشة ومستبعدة من المشاركة السياسية ومن المشاركة في عملية الإنتاج والتوزيع، وهذه هي مقولة أشرف الثانية أن تحالف الدولة السلطوية المكون من الجيش والشرطة والقضاء وشبكات رجال الأعمال المحسوبين على عصر مبارك قد يكون قد أحرز انتصاراً مرحلياً هاماً، وأن الأمور تبدو الأقرب لتثبيت دعائم السلطة اليوم بشكل هو الأكثر جدية منذ الإطاحة بمبارك، إلا أن نقطة قوة هذا التحالف (كونه يملك أدوات الدولة ومفاتيح الاقتصاد) هي نقطة ضعفه الرئيسية لأن إعادة إنتاج نفسه بعد انكسار الإخوان وانحسار آثار الثورة لا تعني إلا إعادة إنتاج التناقضات التي ولدت ثورة يناير في المقام الأول، وتجعل النظام الجديد/القديم في مواجهة أزمتي الشرعية والإنجاز التي وكزت نظامي مبارك والإخوان فقضت عليهما.
بالرغم من صحة المقولتين ودقتهما إلا أنّ المقال يندفع بشكل كبير في اتجاه الحكم بأن النظام السياسي قيد الإنشاء حالياً لن ينال قدراً يذكر من الاستقرار ومن ثم لن يُكتب له الاستمرار لأنه مأزوم منذ البدء باعتباره امتداداً في كثير من ملامحه لنظام مبارك، وعلى أساس أن خياريْ النظام للتغلب على الجذور الاقتصادية للثورة غير قادرين (حال تحققهما وهو أمر بعيد نظراً لتناقضات النظام الكثيرة) على منحه الشرعية والإنجاز اللازمين لبقائه، ويتحدث أشرف عن البديلين المطروحين اليوم في أروقة التحالف السلطوي الخالي من الإخوان بعد التخلص من مرسي في يوليو الماضي، وهما النيوليبرالية في مقابل النيوناصرية، ويعدد أشرف التناقضات التي تكتنف النموذجين "السلطويين" القائمين على استبعاد المجتمع من أية مشاركة ذات معنى، وإخضاعه لسلطة وسطوة الدولة على أمل تحقق أحلام التحديث السلطوي.
ورغم صحة الطرح الذي يقدمه الكاتب إلا أن هذه التناقضات البنيوية الاقتصادية التي حتماً ستواجه النظام المدعوم عسكرياً والآخذ في التشكل لا تمنع بالضرورة الخصم من إمكانية تأسيس سلطته، وبقائه في الحكم فترة ليست بقصيرة في إطار تعددي مقيد خاضع لوصاية قضائية/عسكرية/أمنية، بل وتجنبه مصير نظامي مبارك والإخوان في السقوط في مواجهة ثورة شعبية، وذلك لعدة عوامل أرى أن المقال قد غض النظر عنها:
فأما العامل الأول فهو أن للسياسة درجة من الاستقلالية عن الاقتصاد بمعنى أن التردي الاقتصادي متمثلاً في تدهور مستويات المعيشة وارتفاع البطالة وتزايد حدة الفقر والحرمان لا تؤدي حتماً أو بطريقة تلقائية لخلخلة استقرار النظم السياسية ناهيك عن اندلاع ثورة أو انتفاضة في مواجهتها، فالسياسة وإن تأثرت بالعوامل الاقتصادية إلا أنها يظل لها مساحة ما من الاستقلالية اللهم إلا في التحليل الماركسي شديد الميكانيكية الذي لا يحيل إليه أشرف في جميع الأحوال، ومن هنا فإن السياق الذي تتأسس فيه اليوم سلطة العسكر الجديدة/القديمة هو ظرف استنزاف للمسار السياسي الذي وضعته ثورة يناير بعد انتصارها المؤقت على الدولة الأمنية، وهو ظرف انهيار كافة المؤسسات المنتخبة الناشئة عن المجال السياسي هذا الذي آل في مجمله للإسلاميين وخاصة الإخوان، فخلافاً للوضع في أوائل سنة ٢٠١١ لم يعد الكثيرون من عامة المصريين يرون أن فتح المجال السياسي كفيل بإيجاد حلول لمشكلاتهم الاقتصادية والاجتماعية العميقة بل يرى الكثيرون منهم من اللاهثين اليوم وراء أي استقرار يأتي من وراء أي استبداد أن المجال السياسي المفتوح هذا قد أنتج مؤسسات وقيادات غير قادرة على إدارة شئون البلاد اليومية على غرار ما حدث أيام مبارك، إذن فالسلطة الحالية تواجه مجالاً سياسياً قد جرى إخلاؤه من الكثير من داعميه الأوائل، ولا ننسى أن ٣٠ يونيو كانت فعلاً سياسياً ضخماً للغاية معادياً للسياسة في جوهره لأنه حتى وإن كانت هناك مبررات للقضاء المبكر على مشروع الإخوان السلطوي فإن خسائر التخلص من مرسي ستكون جسيمة على أي سلطة تنتجها انتخابات حرة في المستقبل (حال عقدها).
ومن هنا فإننا بصدد عملية نزع لتسيس الجمهور الواسع Depoliticization وهي العملية اللازمة للتأسيس لأي سلطة سياسية بعد ظرف ثوري يشهد بالتعريف التسيس المؤقت والسريع للملايين من عموم المواطنين الذين لا ينشغلون بالشأن العام في حيواتهم اليومية، وقد كانت الديمقراطية الإجرائية بدءاً من استفتاء مارس ٢٠١١ وإلى الانتخابات الرئاسية جزءاً من عملية نزع التسيس برعاية القوى المحافظة من المؤسسة العسكرية والإخوان وقتذاك، وقد قطع الإخوان شوطاً لا بأس به في التيئيس من إمكانية أن تأتي السياسة بتغيير إيجابي (وسريع في ضوء ارتفاع التوقعات)، ثم قطف العسكريون الثمار واستلموا واقعاً يغلب عليه الكفر بالمجال السياسي المفتوح بكل ما ينطوي عليه، ومع اتساع رقعة القمع والانتهاكات غير المسبوقة في الشهور التي تلت انقلاب يوليو ٢٠١٣ فإن خيبة الرجاء هذه قد أضيف إليها الكثير من الخوف من تفشي الإرهاب وانهيار الدولة والأمن العام على نحو يدعم فعلياً من سلطة العسكريين والداخلية. لا شك أن تساؤل أشرف في محله: وماذا بعد القضاء على الإخوان والانتصار على الإرهاب؟ فعلى الرغم من أن الحرب على الإرهاب تمثل السياق الأمثل لبناء نظام أمني يقمع الاختلاف والمعارضة إلا أن بلداً كمصر لا يمكن له أن يستمر فيه كثيراً للحاجة للتعافي الاقتصادي، وارتباط هذا التعافي بعودة التدفقات الرأسمالية من الخارج، والتي ترتبط بدورها بقدر من الاستقرار السياسي، ومن هنا فإن الانتصار (أو إعلان الانتصار) في الحرب على الإرهاب ضروري وإن كان مأساوياً في الوقت نفسه.
ومن هنا تكون نقطة أشرف في محلها أن النظام الجديد المزمع إنشاؤه بقيادة عبد الفتاح السيسي لا يملك لا القدرة ولا الرغبة حقا في إحداث تغييرات عميقة في علاقة الدولة بالمجتمع بما يحل أزمة الدولة المصرية، وهذا صحيح مئة في المئة فنظام سلطوي لا يدين لأي قوة مجتمعية منظمة بأي شئ، بل يستند بالأساس لمؤسسات الدولة التي تملك أدوات القمع، ولجمهور غير منظم مرتبط بصورة ما للقائد (أو بتجل ما للزعيم السابق عبد الناصر) ليس من المنتظر أن يتحرك ضد المصالح التي تؤسس للاستبعاد السياسي والاقتصادي في مصر منذ عهد مبارك، ولكن فليعلم الجميع أن هذا النظام سيكون هذه المرة في مواجهة جمهور منهك جرب السياسة ولم تفلح معه، وبلد شهد انتفاضة شعبية شديدة الضخامة ضد قيادة سياسية منتخبة في يونيو ٢٠١٣، ومن هنا فإن نظام يوليو (١٩٥٢)، وهو جذر السلطوية التحديثية في مصر قد نجح في إثبات أنه ليس له بديل، واللابديل هذا ممثل في الإسلاميين والإخوان على وجه الخصوص، ولهذا ثمن باهظ سيدفعه كل من يظن أنه بالإمكان العودة لدعوة الجمهور للإيمان بالسياسة وجداوها في المستقبل القريب (وربما البعيد). إن وضعاً كهذا لا ينبئ بأن الصعوبات الاقتصادية قد تقوض أسس النظام السياسي الجديد/القديم الذي يقوم على الحد الأدنى (عدم انهيار الدولة) إلا مع ظهور بديل سياسي غير الإخوان، وهو أمر وإن كان يظل محتملاً، إلا أنه ليس مرجحاً في السنوات القليلة القادمة خاصة مع بوادر إغلاق المجال العام وتشديد قبضة الأمن.
ويبدو أن التصور السائد عن الاقتصاد لدى المجموعات الحاكمة (والتي يضمها تحالف يعاني من تناقضات ستتفجر بعد استقرار الأمر له) ترى أن الحل هو في العودة إلى ما قبل ٢٥ يناير من حيث الرهان على التوصل لصيغة تمكن النظام من إدارة أزمة الدولة المالية والتعايش معها لأن حلها بالقطع أكبر من إمكانياته، وقد كان هذا هو الوضع مع مبارك بعد اتفاق نادي باريس الذي تم بمقتضاه إلغاء ما يزيد عن نصف الديون الخارجية وإعادة هيكلة النصف الآخر، فمنذ هذا الحين تمكن النظام من التعايش مع أزماته المالية وانعكاساتها السياسية من خلال استغلال تحرير ميزان المعاملات الرأسمالية لبناء احتياطيات نقدية دولارية ضخمة تكفيه حداً أدنى من الواردات، وهو أمر أساسي لصحة الاقتصاد ككل مع اعتماد مصر كغيرها من بلدان العالم النامي في أطراف النظام الرأسمالي، على استيراد الجزء الغالب من مدخلات الإنتاج بالإضافة للغذاء والوقود (منذ ٢٠٠٦ أصبحت مصر مستورداً صافياً للطاقة)، ومع الحاجة للإبقاء على مستويات المعيشة من الانحدار لمستويات خطرة سياسياً عمل فريق مبارك المالي على تمويل عجز الموازنة (مع ضعف القدرة السياسية والإدارية على فرض المزيد من الضرائب على الملكية والأرباح التجارية والصناعية ورأس المال) من خلال التوسع في الاقتراض المحلي من الجهاز المصرفي ومن بنك الاستثمار القومي الذي يحوز على أموال التأمينات طبقاً للقانون.
خلقت هذه الترتيبات في مجملها وضعاً هشاً ولكنه قابل للاستمرار، وهو ما كان فنظام مبارك لم ينهار في ظل أزمة ندرة المواد الأساسية أو عجز الدولة عن الوفاء بالتزاماتها الدولية أو نفاد الاحتياطيات اللازمة للواردات الأساسية إنما انهار لوجود أزمات هيكلية في تمثيل قطاعات واسعة من المصريين سياسياً واقتصادياً حسبما يقول أشرف في مقاله، ويعيدنا هذا لنقطة السياسة في مواجهة الاقتصاد، ففي ظل غياب بديل وإيمان واسع بأن السياسة تحمل مفتاحاً لحل الأزمات الاقتصادية والاجتماعية، فمن الصعب أن تتحول المعاناة الاقتصادية لفعل سياسي يعيد رسم المشهد خاصة إذا نجح النظام السياسي في العودة للتوازن المختل إن جاز التعبير الذي يستطيع من خلاله أن يتعايش مع أزماته المالية الكثيرة بما لا يوصلها لحد الكارثة (سواء العجز في الموازنة أو الدين العام أو الاحتياطيات الأجنبية). وهو أمر مرهون بدوره بقدر من الاستقرار السياسي يراهن النظام الأمني الحالي على التوصل إليه بالمزيد من القمع ومصادرة المجال العام وإسباغ شرعية إجرائية على حيازته للسلطة من خلال مجال سياسي مقيد كما يدفع أشرف، وهو ما أتفق معه فيه تماماً.
وينقلنا هذا إلى آخر نقاط النقد للمقال وهو الرهان على أن الإجراءات التقشفية اللازمة لإعادة هيكلة مالية الدولة في مصر ستقوض أسس النظام السياسي القادم، والذي يتراوح موقفه بين النيوليبرالية والنيوناصرية، وهو أمر لا أجده سليماً في المطلق لسببين رئيسيين: أولهما أن النظام السياسي القادم سيضطر حقاً للتعامل مع ملفات خشي مبارك ونظامه الأمني المساس بها كدعم الوقود على سبيل المثال، ورفع الإيرادات الضريبية غير المباشرة (من خلال ضرائب القيمة المضافة) وكلها إجراءات من شأنها رفع معدلات التضخم، ومن ثم التسبب في المزيد من التآكل للأجور الحقيقية والتدهور في مستويات المعيشة، ولكن ليس هناك ما يدعو للتصور أن هذه الإجراءات التقشفية سيتم تبنيها دفعة واحدة على غرار برامج التحرير الاقتصادي في الأرجنتين في التسعينيات أو تشيلي في السبعينيات، بل سيكون بمقدور النظام تكرار سيناريو بداية التسعينيات من خلال الحصول على تمويل مدفوع سياسياً من السعودية والإمارات لا يُستخدم هذه المرة في تمويل النفقات الجارية كما هو الحال منذ ديسمبر ٢٠١٢، إنما لتمويل إعادة الهيكلة، ومن المرجح أن يأخذ هذا شكل تدفق صافي لرأس المال في صورة إلغاء الديون الحالية المستحقة لبلدان الخليج، مع ضخ المزيد من الدولارات في صورة قروض طويلة الأجل أو منح ومساعدات، ومع استمرار الالتزام السياسي من الخليج سيكون بمقدور النظام الجديد (لقاء تنازلات سياسية لا يجري الحديث عنها) الشروع في إعادة هيكلة تقلل من الخلل وتعيد إليه بعض التوازن المفقود منذ ٢٠١١، ومن هنا فإنه ليس ثمة ما يمنع أن يستغل النظام الجديد المدعوم من الجيش ديناميات الريع البترولي ذاتها التي حكمت التحولات السياسية في المنطقة منذ السبعينيات من القرن الماضي.
ويقودنا هذا إلى نقطة هامة وهي افتراض أن النيوليبرالية والنيوناصرية (على قصور الصيغتين) غير قابلتين للتعايش بمعنى أن إجراءات تحرير الأسعار والتجارة وخصخصة الأصول الحكومية تتناقض بالضرورة مع السياسات الشعبوية ذات الطابع التوزيعي التي يتخيل الناصريون الجدد إمكانية إنتاجها لدعم شرعية الزعيم الجديد، فواقع البلدان النامية منذ الثمانينيات يشهد بأن السياسات العامة في مجملها كانت خليطاً عجيباً ومتناقضاً بين سياسات نيوليبرالية وأخرى شعبوية توزيعية، هكذا كان الوضع في تركيا منذ الثمانينيات وحتى اليوم، وفي أمريكا اللاتينية في أعقاب انهيار الدكتاتوريات العسكرية، وذلك لأن نظاماً سياسياً في العالم النامي لا يحتمل إجراءات تحريرية واسعة النطاق لأنها ستضر بالطبقات الوسطى والشرائح الدنيا منها بالأخص، علاوة على فقراء المدن والريف، وليس بخاف أن دولة ما بعد الاستقلال في الجنوب عامة استندت لإجراءات توزيعية لإنشاء تحالفها الاجتماعي الأساسي، وقد أطلق داني رودريك على هذه الصيغ الملفقة من التحرير الاقتصادي والشعبوية النيوليبرالية غير الأرثوذكسية، وهي التي كانت قائمة في عهد مبارك، والمرشحة للقيام مرة أخرى في المستقبل القريب.
لا تعني هذه السطور أن النظام السياسي قيد الإنشاء سيكون خلواً من التناقضات، أو أنه ليس تجسيداً للجناح الدولتي من الثورة المضادة بكل ما يحمله هذا الجناح من رغبات في العودة للعلاقات الحاكمة في عهد مبارك، ولكنها تشير بأن هذا النظام مع الانكسار المرحلي لثورة يناير قد يكتب له بعض البقاء نظير إجراءات وسياسات تعيد إليه بعض التوازن المالي، وربما إجراءات توسع بعض الشئ التحالف الاجتماعي للسلطوية الجديدة، وإن كان هذا الأمر يحمل تفجيراً من الداخل للتحالف الحاكم لأنه سيستلزم الحد من الشبكات المهيمنة على الاقتصاد منذ عهد مبارك، وتفكيك بعضها من أجل دمج قطاعات من رأس المال الصغير والمتوسط وتوفير موارد لبرامج توزيعية.
إن الخلاصة هي أنه خلافاً لمسلمة علم الأحياء بأن البقاء للأفضل أو للأصلح فإن المعارف الاجتماعية تشير إلى أن البقاء لا يكون دوماً للأصلح بل قد يكتب لنظام سقيم لا يستمد شرعية بقائه إلا من غياب البديل له جراء عقود طويلة من تحطيم قدرة المجتمع على التنظيم، وتغذية تيارات إن مثلت شيئاً فإنها تمثل اللابديل في تنظيمات وأيديولوجيات شديدة البؤس والفقر فكرياً وسياسياً، وهذه هي سمات النظم المحافظة التي تلي انتصار الثورات المضادة لأنها تقوم على الطرح المحافظ الأزلي بأن كل تغيير هو شر في ذاته.
[اضغط/ي هنا لمقال أشرف الشريف وهنا لمقال خليل العناني الذي يرد على المقالين]